Add new comment

حصاد مرحلة أوسلو وفشل الصهيونية

21/1/2019

حصاد مرحلة أوسلو وفشل الصهيونية

شوقي العيسه

ملخص لدراسة بحثية مفصلة قادمة

  • حقيقة ان إسرائيل كانت مصرة اثناء مفاوضات أوسلو ،على الاستمرار في الاستيطان في الأراضي المحتلة ، كافية للتدليل على انها لم تكن فعليا تفاوض لانهاء الاحتلال والوصول الى حل الدولتين. واما موافقة منظمة التحرير على ذلك، والتي قيل انها تكتيك للسيطرة على الأرض، والبناء التراكمي بعد ذلك لفرض الامر الواقع، لم يصمد امام ما قامت به منذ التوقيع وحتى الان، من بناء سلطة بوليسية فاسدة منقسمة وفاقدة للثقة من الشعب بشقيها.
  • ومنظمة التحرير اثناء المفاوضات كانت في وضع صعب للغاية، وتتعرض لهجمة من عدد من الأنظمة العربية والغربية، لاضعافها والتخلص منها ، وكانت الانتفاضة في الأراضي المحتلة هي مصدر قوتها الأساسية في التفاوض، ولكن قيادتها كانت وبشكل غير مبرر متخوفة من انشاء قيادة بديلة لها في الداخل ومتخوفة من الانهيار في الخارج.

في تلك الفترة بعد انتهاء الحرب الامريكية وحلفائها الغربيين والعرب في الخليج، والتي حصلت بعد احتلال العراق للكويت، وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي وظهور القطب الأمريكي الواحد، والاختلال الهائل في توازن القوى العالمي. كان على الولايات المتحدة ترسيخ سيطرتها على الشرق الأوسط، ولا بد لها ضمن ذلك من انهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مستغلة حالة الضعف والانهاك التي تمر بها منظمة التحرير. اما إسرائيل وبالتنسيق مع الولايات المتحدة وبعض الأنظمة العربية، فأنها وجدت في كل ذلك فرصتها للبدأ بتنفيذ خطتها، التي كانت أعدتها اثناء الانتفاضة، للتخلص من الانتفاضة ومن منظمة التحرير بنقل المنظمة الى قطاع غزة، وتفريغها من محتواها كحركة تحرر وتدجينها والقضاء على وجودها في الخارج، واستغلال حركة الاخوان المسلمين من خلال فرعها الفلسطيني (حماس) ، لتعميق الصراع الداخلي الفلسطيني، وبالتدريج التخلص من قطاع غزة لفترة معينة (قد تطول)، وابتلاع الضفة الغربية وضمها الى إسرائيل، بعد تفريغها من جزء كبير من مواطنيها ونقل اكبر عدد ممكن من المستوطنين اليها.

ولتنفيذ هذه الخطة كان على إسرائيل بمساعدة الولايات المتحدة، الدخول في عملية معقدة وبطيئة ومحفوفة بالمخاطر، وكان عليها لتنفيذ خطة مد سيطرتها وسيادتها، تحقيق مجموعة من النتائج المترابطة:

  • انهاء منظمة التحرير كحركة تحرر وتصفية وجودها في الخارج.
  • عزلها عن الشعب وافسادها وتفسيخ مؤسساتها للقضاء على الدعم الشعبي الهائل لها.
  • اضعاف مكوناتها من التنظيمات الفلسطينية الى اقصى حد ممكن.
  • عزلها عن حلفائها في العالم.
  • تقوية حركة الاخوان المسلمين في فلسطين (حماس).
  • انهاك فلسطينيي الأراضي المحتلة اقتصاديا وخلق الفلسطيني الجديد.
  • خلق كيان في قطاع غزة فقط، ومفصول عن الضفة الغربية، تظهر فيه سمات دولة فاشلة للتخلص منها في مرحلة لاحقة.
  • عزل القدس وتفريغها من اكبر عدد من الفلسطينيين، وتهويدها قبل ضم الضفة.

وكان على إسرائيل للوصول الى هذه الأهداف، التخلص بالاغتيال من عدد من القيادات ذات الكفاءة السياسية والانتماء الوطني، من مختلف التنظيمات الفلسطينية بما فيها حماس واضعاف تأثير من تبقى.

وقامت إسرائيل وامريكا باستخدام أدوات كثيرة تساهم بشكل مباشر وغير مباشر في العملية:

  • أنظمة عربية.
  • دول أوروبية.
  • بعض المؤسسات غير الحكومية دولية وإقليمية وفلسطينية وإسرائيلية.
  • حركة الاخوان المسلمين العالمية وفرعها الفلسطيني.
  • أعوان إسرائيل وامريكا واعوان بعض الأنظمة الأخرى في داخل منظمة التحرير من خلال مواقعهم وان لم تكن في القيادة العليا.
  • بعض اباطرة المال والماسونيين في المنطقة وفي فلسطين.

وكان مطلوبا ضخ أموال هائلة على السلطة الفلسطينية، التي تشكلت بعد الاتفاق (أوسلو)، شريطة عدم استخدامها لبناء بنية تحتية قوية ومؤسسات حقيقية قادرة على المواجهة ودعم الصمود، بل لمشاريع استهلاكية، ولافساد القيادات، وخلق طبقة واسعة من المستفيدين، يعيشون حياة البذخ الرأسمالي دون أساس اقتصادي، وتصبح مصالحهم مرتبطة باستمرار العملية، ويبتعدوا عن مسار الثورة، أي خلق بالون مليء بالهواء يمكن تنفيسه في أية لحظة، وكذلك توسيع طبقة الفقراء على حساب الطبقة الوسطى، لتحقيق هدفين انتشار الجريمة والمخدرات مما يؤدي الى الهجرة ونزع الثقة بالمنظمة والقيادات.

الان بعد ربع قرن من السنين، كل الأطراف والأدوات قاموا بما خُطط للقيام به على اكمل وجه.

ولكن!!!

العقل الصهيوني المقرر ومن معه لم يحسبوا حسابا للعاطفة وللعقل الشعبي الفلسطيني، والسمات التي يحملها هذا الشعب، رغم انه اثبت على مدى قرن من السنين وحتى في اكثر مراحل ضعفه إصراره على التحرر والاستقلال .

الحصاد

قاموا بكل ما أرادوا ونفذوا كل ما خططوا له، ولكنهم الان مصدومون بان الهدف الاستراتيجي النهائي، وهو سيطرة وسيادة إسرائيل الصهيونية على كل فلسطين، وتهجير اكبر عدد ممكن من الفلسطينيين، وقطع صلة وارتباط من هجروا بوطنهم، ليس فقط لم يتحقق بل سرع في تحقيق عكسه تماما ، حيث ان ما فعلوه قضى على حل الدولتين (إسرائيلية صهيونية، وفلسطينية) على ارض فلسطين، ويسرع في وجود دولة واحدة صهيونية بنظام ابارتهايد، ستصبح بالضرورة منبوذة ومعزولة، مما سيؤدي لهجرة يهودية الى خارجها وبالتالي انهيارها كدولة صهيونية، خاصة وان هناك خمس عوامل تعمل ضد الصهيونية، وتتطور بتسارع:

الأول بقاء الفلسطينيين الذين في داخل فلسطين صامدين فيها والصعوبة القصوى بتهجريهم.

والثاني وجود جيل جديد من الفلسطينيين في دول الشتات، يتصف بذكاء سياسي اكثر من القيادات الرسمية الفلسطينية، وينخرط في صفوف المجموعات المناضلة من اجل العدالة الاجتماعية في مختلف الدول، ونجح مع انصار فلسطين، في خلق حملة المقاطعة لإسرائيل، والتي تتسع كل يوم.

والثالث الاتساع المطرد لقاعدة النضال من اجل العدالة الاجتماعية، في مختلف الدول الراسمالية، وهؤلاء ستزيد قوتهم حين يتضح النضال اكثر ضد الابارتهايد الاسرائيلي.

والرابع التغيرات الجارية في منطقة الشرق الأوسط، والتي بالضرورة ستنتج قوى معادية لامريكا والغرب وربيبتهم إسرائيل.

والخامس تعمق الضعف في الحركة الصهيونية في الولايات المتحدة والعالم، وفقدانها السيطرة الشمولية على اغلبية يهود العالم. والعوامل الأربعة الأولى وغيرها تغذي العامل الخامس.

وان غدا لناظره قريب.