شوقي العيسة
Add new comment
العالم العربي وفلسطين في السياسة الدولية
14/8/2023
افكار مبعثرة (نوعا ما) للبحث
العالم العربي وفلسطين في السياسة الدولية
في القرن العشرين جرت تحولات مؤثرة جدا في موازين القوى والمصالح على الساحة الدولية املتها عوامل عديدة منها التطور التكنولوجي وظهور منظومات اقتصادية اجتماعية جديدة وتطور منظومات قائمة. خلال ذلك ونتيجة له اندلعت حربان عالميتان وظهرت منظومتان (امبراطوريتان) تربعتا على مقعدي التحكم في السياسة الدولية (الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السوفياتي) .
في التطبيق، انتهى تقريبا شكل الاستعمار المباشر الكلاسيكي وانتشرت حركات التحرر الوطني في المستعمرات القديمة وبدأت تطغى الهوية الوطنية القومية وتراجعت قوة الاديان السياسة.
وظهرت في السياسة مصطلحات وبرامج جديدة، العلمانية، الديموقراطية، القومية، الوطنية، فصل الدين عن الدولة، دولة القانون….. الخ.
الامبراطورية الامريكية حلت محل الاستعمار الاوروبي ومارست هيمنتها من خلال حكام في الدول الناشئة بعد تخلصها من الاستعمار. واطلقت مصطلح العالم الحر ورخاء المجتمع والمواطنين.
الامبراطورية السوفياتية، خصم الامريكية، مارست هيمنتها من خلال حركات التحرر والاحزاب الشيوعية والقومية، واطلقت مصطلح الانتقال من الرأسمالية الى الاشتراكية. وهنا من المهم الاشارة الى ان الاتحاد السوفياتي لم يطبق الايديولوجية الماركسية او فشل في ذلك، كما فهمها وارادها ماركس. ماركس كان هدفه الانتقال من حقبة تاريخية الى اخرى. كما حصل الانتقال من الاقطاعية إلى الرأسمالية اراد الانتقال من الراسمالية الى الاشتراكية.
خلال ذلك الصراع بين الامبراطوريتين وفي منتصف القرن العشرين مع انتهاء الحرب العالمية الثانية حاولت كلتاهما استخدام الحركة الصهيونية لمصلحتها. نجحت الامريكية ومعسكرها ورعت نجاح الصهيونية واصبحت الاخيرة اداتها الرئيسية في المنطقة.
هذا النجاح لم يكتمل لان الشعب الفلسطيني لم يستسلم لموازين القوى وواصل النضال من اجل الاستقلال، ودعمه الاتحاد السوفياتي ومعسكره.
العالم العربي الذي قسمه الغرب الاستعماري الى دويلات بعد الحرب العالمية الاولى بقي عمليا خلال القرن العشرين تحت هيمنة المعسكر الامريكي مع بعض الاستثناءات التي لم تغير مساره العام.
مع انهيار الاتحاد السوفياتي في نهايات القرن العشرين دخل العالم في مرحلة انتقالية نحو نظام عالمي جديد هيمن المعسكر الامريكي فيه لفترة مؤقتة.
خلال تلك الفترة المؤقتة المستمرة حتى الان حاول المعسكر الامريكي التخلص من الازعاج المستمر الذي يشكله الشعب الفلسطيني وثورته (م ت ف) له ولهيمنته على المنطقة. وكذلك التخلص من العراق وسوريا وتقسيمهما لاضعافهما وكان من ضمن مخططه ايضا تقسيم السعودية.
التخطيط يستفيد من التجارب
كان امام المخططين الامريكيين تجربتين
تجربة تحويل النظام المصري من متمرد على امريكا في عهد عبد الناصر الى نظام تابع لها في عهد السادات وما تلاه. وعليه يمكن تحويل منظمة التحرير الفلسطينية من متمرد الى تابع (مع الفرق ولكن الفكرة تتشابه).
التجربة الثانية، حكومة لبنانية ضعيفة تحت سيطرة النظام السوري القوي، وهذه استمرت حوالي ثلاثين سنة.
من هنا تأتي المقارنتين. تشكيل السلطة الفلسطينية كبديل لمنظمة التحرير وابقائها تحت سيطرة اسرائيل.
عرفات اعتقد انه وامام موازين القوى في تسعينيات القرن العشرين يستطيع ان ينحني امام العاصفة مؤقتا ثم يقلب السحر على الساحر ولكنه فشل في ذلك وقتلوه. واستشهد وهو يحاول.
الرئيس عباس وكذلك حركة حماس، وبعيدا عن ما يقولون وعن شعاراتهم وبعض اعمالهم الا انهم عمليا رضخوا ليكونوا سلطة ضعيفة تحت سيطرة اسرائيل.
الان،
مرة اخرى تجد امريكا ومعسكرها (بما فيه اسرائيل) ان الشعب الفلسطيني لم يستسلم ويواصل النضال من اجل التحرر، ولكن هذه الفترة بدون منظمة التحرير، بدون قيادة ثورية متبلورة ومنظمة.
ولكن هذا حصل سابقا فبين عامي ٤٨ و ٦٨ عشرين سنة كان الشعب الفلسطيني يناضل دون قيادة ثورية قوية ومتبلورة بشكل منظمة قوية. خلا تلك العشرين سنة كانت ارهاصات ومحاولات وبذور وخلايا متفرقة هنا وهناك الى ان قويت وسيطرت على منظمة التحرير بعد عام ٦٧ .
الان نمر بفترة شبيهة، ستتطور.
المخطط الامريكي لم يكتمل والمرحلة الانتقالية نحو نظام عالمي جديد تتسارع نحو نهايتها ودخول العالم الى نظام متعدد الاقطاب.
نجاحات المعسكر الامريكي في سوريا والعراق كانت مؤقتة والان في طريقها للفشل. والسلطة في طريقها للتلاشي.
وظهور ايران القوي كخصم للمعسكر الامريكي في المنطقة اثر كثيرا على الهيمنة الامريكية.
هذه التحولات والتطورات تأتي في وقت بداية تفسخ المجتمع الاسرائيلي الذي اعتقدت الحركة الصهيونية انها قادرة على بنائه وابقائه متماسكا، صحيح ان انهياره الطبيعي ليس قريبا ولكن تتكون عوامل ربما تؤدي الى تسريع ذلك.
علماء التخطيط الاستراتيجي الامريكي
حين يخططون هم لا يكتشفون (العجلة) من جديد، فهم بعد ان يحددوا اهدافهم بعيدة المدى، يعتمدون على علم الاجتماع وعلى سيكولوجية النفس البشرية في تعاملهم مع الشعوب والحكام.
في كل اسرة خلال تعامل رب او ربة الاسرة مع الاطفال لابقائهم تحت السيطرة يلجؤون للعصا والجزرة، يعطون الاطفال العابا ليلتهوا بها ويعطونهم شوكولاته وبوظه لرشوتهم.
والمختار او الشيخ في القبيلة يفتعل بعض الخلافات بين افراد رعيته ليبقى هو المسيطر وتذهب جهودهم وطاقاتهم في خلافات وصراعات مفتعلة.
وامريكا في العالم العربي تثير خلافات دينية بين المسلمين والمسيحيين وبين السنة والشيعة وبين العلمانيين والمتدينين وبين الدويلات المصطنعة لتبقي الشعوب العربية متناحرة وتعطي الشوكولاته لمن يخضع لها اكثر.
وما يجري هذه الايام من نشاطات لحكام السعودية ومصر والاردن والسلطة الفلسطينية انما هو تنافس على الشوكولاته والبوظة.
Bookmark/Search this post with