أضغاث احلام

21/2/2014

أضغاث احلام

شوقي العيسه

من حق الرؤساء والزعماء ان يستخدموا التكتيك وان يلعبوا الشطرنج وان يقدموا التضحيات ، من اجل الوصول الى تحقيق اهداف استراتيجية لدولهم وشعوبهم ، الكل يعلم ذلك ، وعليه دائما ما يقرأون كلمات وخطابات بعضهم بطريقة مختلفة عن العامة . يقرأون ما بين الاسطر ، يدرسون التوقيت والمرادفات المستخدمة والهدف من وراء استخدام كلمات او مصطلحات محددة ، ومكانها في الخطاب وماذا قيل قبلها وبعدها ، ويدرسون كذب بعضهم ولماذا استخدمت الكذبة المحددة وبالطريقة المحددة . وكذلك يدرسون انصاف الحقائق التي قيلت واستخدمت للتضليل ، وفي النهاية كل خطاب يكون له في المحصلة نتيجة يجب على الطرف الاخر التصرف حيالها ، لانهم في نهاية التقييم يقررون بناء على ما فهموه كيفية ردهم او عدم ردهم .

احد اشكال العمل هو التحدث مباشرة الى جمهور العدو او الى جزء محدد منه ، ويتم اختيار هذه الشريحة بناء على دراسة مؤسسة على الهدف المحدد في المرحلة المحددة للقيام بذلك .

لو قدر لي ان اقترح طريقة للقيام بهكذا عمل ، لاقترحت التالي :

اولا: التوقيت ، ان يكون قبيل قيام قيادة الخصم بخطوة معينة معلن عنها او قبيل اعلانه موقف معين ، وفي كلتا الحالتين لك هدف التأثير اما باتجاه اعطائه دفعه للقيام بذلك او باتجاه دفعه لتعديل او تغيير موقفه او منعه من القيام بذلك .

ثانيا: اختيار الشريحة ، اذا كان التأثير المطلوب ملح زمنيا اي سريع ، يتم اختيار صحفيين مؤثرين ومتنوعي التوجهات السياسية ونشطاء مجتمع وسياسيين وحزبين ايضا متنوعي التوجهات السياسية .

اما اذا كان الهدف تأثير مستمر قصير وبعيد المدى ويأخذ طابع استراتيجي فقطاع الشباب هو الهدف .

ثالثا: ماذا يقال لهم وماذا يجب ان لا يقال لهم ، وهذا اهم شيء في هكذا عمل ، لذلك يتم اختيار مجموعة خبراء اكفاء بينهم علماء نفس واجتماع وسياسة وصحفيين وقانونيين وخبراء امن واستخبارات ومختصين في الخارطة السياسية لدى العدو وفي مجتمعه ، يقوم هؤلاء بعد اطلاعهم على الهدف والمعلومات ذات الصلة ، بتحديد مضمون الخطاب في المحاور التالية:

- مواقف غير جديدة يجب اعادة تأكيدها بشكل غير ممل وشرحها بشكل مقتضب وخلاق واينما امكن بمرادفات مختلفة عن السابق ،

- مواقف جديدة دون شرحها، وابقاء بعضها غامض الى حد ما ،

- تهديدات مبطنة شريطة طرحها على شكل تحذيرات او تخوفات ( لان التهديد يطرح من خلال قنوات سرية او من خلال اشخاص لا يحملون اية صفة رسمية او صفة دنيا ) ،

- انتقاء اقوال قالها زعماؤهم ولم تنفذ للتشكيك فيهم وذلك دون اطلاق نعوت على هذه الاقوال - اقتباس مواقف لباحثين او غيرهم ممن يحظون باحترام في مجتمعهم تناقض مواقف زعمائهم - اقتباس اقوال لاسماء مرموقة عالميا تعزز ما تقوله انت ،

- ويجب ان يتضمن الخطاب كذلك تأكيدات على الحرص على السلام وحسن الجوار والمعاهدات والقوانين والقرارات الدولية وخاصة ما يتلائم منها مع مواقفك .

- وبالضرورة ان يقال لهم اذا قام طرف قوي بالضغط على الطرف الاضعف لاجباره على حل معين بعيد عن المنطق والعدالة فان هذا حتى لو اجبر عليه الضعيف لن يحقق سلام وامن واستقرار بل كأنه اعلان حرب جديدة واستمرار للصراع . (تخوف وتحذير يخفي تهديد) .

ثم تقوم هذه المجموعة وبنفس درجة الاهمية بتحديد دقيق لما يجب ان لا يقال تحت اي ظرف ، واجراء نقاش معمق حول ذلك ، وتحدد ايضا بعض الامور التي يجب ان تجيء كرد على اسئلة وليس في متن الخطاب واذا كان منها ما ورد في الخطاب يحذف واذا لم يسأل عنه يقوم الزعيم اثناء الرد على الاسئلة بتضمينه في الاجوبة دون ان يظهر ذلك على انه مقصود ومخطط له .

ثم وبعد كل ذلك تجتمع المجموعة مع خبراء (تكنوقراط) وتستمع وتناقش معهم اراءهم دون اطلاعهم على النص المعد، ويمكن ايضا ان تستكشف اراء شخوص من دولة الاعداء الذين يؤيدون مواقفنا حول ما هو الاكثر تأثيرا في مجتمعهم. ثم مع خبراء في لغة العدو ممن سيترجمون الخطاب ونقاشهم في حكم او امثال او نكات مستخدمة في مجتمع العدو وفي لغته لتضمين القليل منها في الخطاب واستخدام بعضها في الرد على الاسئلة .

بعد ذلك تبحث مع صحفيين وسياسيين توقعات للاسئلة التي ستطرح ويوضع سيناريو للاجابات ، ويتم ايضا وضع سيناريو للتصرف اذا حصل تكرار واصرار لسؤال محدد ولم يكتفوا بالاجابات التي طرحت . كما يوضع سيناريو لتصنع عدم الرغبة في اعطاء جواب لسؤال محدد مع ابتسامة طبعا .

اضافة الى كل ذلك دائما ما يكون للدول صحفيون اجانب وفي اعلام العدو يعملون لصالح مخابراتها ، او لديهم قناعات ايديولوجية او سياسية مؤيدة فيتم دعوة جزءا منهم ، ويطلب من احدهم طرح سؤال معين خططت الاجابة عليه، اذا لم يكن قد سئل ، ويدعى عدد قليل من الصحفيين المحليين المرموقين ويطلب من احدهم فقط طرح سؤال واحد يعبر عن الغضب الشعبي المحلي من ما سيسميه تساهل الزعيم مع الاعداء .

رابعا: الشكل والاخراج ، اذا كان اللقاء مع شريحة شبابية يتم استقبالهم في معلم حضاري ثقافي او فني او رياضي او جامعة او كلية ، ويتم تضمين الخطاب قليلا من الحديث عن اهتماماتهم الادبية او الفنية او ماشابه للتدليل على المشترك الانساني، ويكون الزعيم غير رسمي من حيث الملابس بل اقرب الى الملابس التي تسمى ( كاجول ) ويتحدث معهم وقوفا ويقلل من الجدية ويكثر من الابتسام . ويتفق على حركات الايدي التي تستخدم والتي يجب ان لا تستخدم . كما من المهم ان ينظر اليهم اثناء الحديث وهذا يعني ان لا يستخدم الورق بل يحفظ كل شيء ويكون امامه شاشة مخفية للتذكير ينظر اليها احيانا.

ملاحظه: يمكن اعتبار ما ورد اعلاه محض خيال لا علاقة له بالواقع او العلم او العلاقات الدولية او العامة، او انه من افلام الخيال العلمي. او على الاقل لا ينطبق على واقعنا الفلسطيني، فنحن كما تعلمون، دائما وضعنا مختلف ، نحن سوبر نختلف عن كل العالم والأكيد ان هذا ليس السبب اننا لا نزال تحت الاحتلال وسنبقى لسنوات قادمة .

Add new comment