
Shawqi Issa
على المدى البعيد
شوقي العيسه
كتبت مرة ان شمعون بيرس هو الاخطر في اسرائيل، وهذا ينطبق على نهج بيرس في التفكير والتخطيط والعمل السياسي، وليس فقط على الشخص، بعد توقيع اتفاق اوسلو قال بيرس للرئيس الفرنسي سنحضرهم (م ت ف ) الى الداخل ونبدأ اطول عملية ترويض لتخفيض سقف مطالباتهم الى ان تتلاشى. مخطيء من يعتقد ان بيرس ومن مثله من قيادات الصهيونية العالمية لا يقررون كل ما تفعله اسرائيل، هم لا يضيعون وقتهم في التفاصيل اليومية والافعال التكتيكية، هذه يتركونها للادوات مثل نتنياهو وليبرمان وباراك وليفني وامثالهم، ولكن في اي وقت يحاول هؤلاء القيام بفعل يضر بالاستراتيجية بعيدة المدى يوقفوهم فورا. في المقابل لا يوجد في الطرف الفلسطيني والعربي مثل هذه الطريقة في العمل. وان وجدت فبشكل منقوص ومشوه.
الحركة الصهيونية تعرف ان بقاء اسرائيل بجوهرها الصهيوني الى ما لا نهاية امر شبه مستحيل، ويدركون ان هذا العالم متغير وبالتأكيد ليس لصالحهم، ويحاولون دائما استباق الاحداث والتغيرات والفوز بمكان لهم في الجديد، ويعرفون انهم دائما بحاجة لأب، لسيد، لعراب، ويستخدمون كل ما يمكن استخدامه، غير آبهين طبعا بالاخلاق والضمير والدين والكرامة وحقوق الانسان، حتى لو وصل الامر لارتكاب مجازر او اغتيالات، ولن يتوقفوا حتى لو تطلب الامر اغتيال يهود يشكلون ضررا على مشروعهم.
الدولة الواحدة مقتل لمشروعهم الا اذا كانت بأقلية غير يهودية بسيطة غير مؤثرة ، والدولتان بالشكل الحقيقي الذي يطلبه الفلسطينون ايضا مقتل لمشروعهم . فدولة اسرائيل بحدودها الحالية او في فلسطين كلها بدون سيطرة او تأثير قوي للصهيونية على المنطقة ، سيكون مستقبلها في العالم المتغير الانكماش والضعف وما يتبعه.
لذلك عملوا طويلا على تحويل اراضي عام 67 الى منطقة حكم ذاتي مجزوء تحت سيطرتهم، او "دولة" غير حقيقية وايضا تحت سيطرتهم، وعملوا طويلا على بناء علاقات حميمة مع الاردن ولبنان تكون لهم اليد العليا فيها. فهم يؤمنون انهم بنفوذ قوي على فلسطين والاردن ولبنان يستطيعوا التأثير القوي على المنطقة وبالتالي مد عمرهم الى اطول مدى ممكن، وعدم استغناء اي قوة عظمى عنهم، ولتحقيق ذلك كان يجب التخلص من قوة وتأثير العراق ومصر وسوريا.
وفي حال فشلهم في ذلك ، سيواصلوا المحاولة وبكل السبل ، وربما في القريب سيحاولوا الوصول الى كونفدرالية او فدرالية ثلاثية ، تؤمن لهم نفوذ ودور فعال ومؤثر في المنطقة، وخلال ذلك عليهم مواصلة تحقيق المكاسب على الارض ومواصلة اضعاف الطرف الاخر، واذا لم ينجحوا سيحاولون البحث عن اشكال اخرى، فهم يعرفون كل المعرفة ان اسرائيل يجب ان تكون قوة اقليمية او لا تكون. اين نحن من كل ذلك.
ولكن لان مشروعهم يتعارض مع منطق التاريخ والجغرافيا والديموغرافيا والتطور الانساني، لن ينجح رغم ضعف الطرف الاخر.
Add new comment